ذكر تصريف الامور

اللهم صلي علي محمد و آل محمد صلاة تنجنا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات/واتلو: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا 11 مرة والاستغفار 7 مرات يعد صلاة العشاء

Translate {الترجمة لاي لغة} ابود

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 فبراير 2024

خطبة واصل بن عطاء من نوادر المخطوطات

 

 
 قبيحة. والسبب في تهوين هذا الأمر وتهويله أن واصل بن عطاء كان يعدِل إلى ما يرادف تلك الكلمة مما ليس فيه راء، وهذا كثير في كلام العرب، فإذا أراد العدول عن لفظ فرسٍ مثلا قال: جواد أو ساٍع أو صافن؛ أو العدول عن رمح قال: قناة أو صعدة أو يزنىّ أو غير ذلك؛ أو العدول عن لفظ صارم قال: حسام أو لهذم أو غير ذلك. وأما ابن زيدون فأقول في حقه: أقل ما كان في تلك الجنازة وهو وزير ألف رائسٍ ممن يتعيّن عليه أن يتشكَّر له ويضطرّ إلى ذلك، فيحتاج في هذا المقام إلى ألف عبارةٍ مضمونها التشكُّر. وهذا كثير إلى الغاية من محزونٍ.
فقد قطعةً من كبده»
والناقد يقف في الموازنة بين الموقفين في شيء من الحيرة، ثم يجزم بأن المقايسة بينهما مقايسة مع الفارق كما يقولون، فإن موقف واصل واضح، ظروفه معينه ونصوصه حاضرة، ولا كذلك موقف ابن زيدون فقد يكون تطرقت إليه المبالغة في الرواية. ولم يذكر الرواة لنا شيئًا من تلك الأقوال التي غابر بينها، ولم يذكروا لنا عددها، وقد تكون قليلة العدد ولكنها المهارةُ التي أديرت بها تخيل للسامع أنها مئات العبارات، فإن السامع لا يكاد يعي وعيا تاما ما سمعه منذ لحظات إلا إن وقف موقف التسجيل والانتباه المتفرغ. على أن احتمال الإعداد والتهيئة فيها قريب، وليس كذلك خطبة واصل التي انفق الرواة وسجّل الشعر أنها كانت وليدة ارتجالٍ وبداهة.
ومهما يكن فإن غايتنا من هذا التقديم المسهب أن نظفر الأدباء الذين لبثوا دهرًا في لهفة دائبة إلى قراءة خطبه واصل محققة، بنصها الكامل فيما يلي:
هذه خطبة واصل بن عطاء التي جانب فيها الراء
الحمد للّه القديم بلا غاية، والباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوّه، ودنا في عُلوّه، فلا يحويه زمان، ولا يحيط به مكان، ولا يئوده حفظ ما خَلَق، ولم يخلقه على مثالِ سبق، بل أنشأه ابتداعا، وعدّله اصطناعا، فأحسن كلَّ شيء خلقه وتمم مشيئته، وأوضح حكمته، فدَلَّ على ألوهيَّته، فسبحانه لا معقّب لحكمه، ولا دافع لقضائه تواضع كلُّ شيء لعظمته، وذلَّ كلُّ شيء لسلطانه، ووسِعَ كلَّ شيء فضلهُ، لا يعزُب عنه مثقال حبّةٍ وهو السميع العليم. وأشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا مثيل له (١)، إلها تقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه، علا عن صفات كلِّ مخلوق، وتنزّه عن شبه كل مصنوع، فلا تبلغه الأوهام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، يعصىَ فيحلم، ويُدعَى فيسمع، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون. وأشهد شهادةَ حقّ، وقولَ صدق، بإخلاص نية، وصدق طويةّ (٢)، أنَّ محمد بن عبد الله عبده ونبيه، وخالصتُهُ وصفيّه، ابتعثه إلى خلقه بالبينات (٣) والهدى ودين الحق، فبلَّغ مألُكتَهَ (٤)، ونصح لأمته، وجاهد في سبيله، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، ولا يصدُّه عنه زعم زاعم، ماضيًا على سنتّه، موفيًا على قصده، حتى أتاه اليقين. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى، وأتم وأنمى، وأجل وأعلى صلاةٍ صلاّها على صفوة أنبيائه، وخالصة ملائكته، وأضعاف ذلك، إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته، والمجانبة لمعصيته،
(١) لا مثيل له، ساقطة من مفتاح الأفكار والأدبيات والجمهرة. وفي مسالك الأبصار:
«لا شريك له»، تحريف.
(٢) في مسالك الأبصار وجميع المطبوعات: «وصحة طوية».
(٣) في المفتاح والأدبيات وجمهرة خطب العرب: «بالبينة».
(٤) المألكة: الرسالة.
فأحضكم (١) على ما يدنيكم منه، ويزلفكم لديه، فإنَّ تقوى الله أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد. ولا تلهينّكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها، وفواتن لذّاتها، وشهوات آمالها، فإنها متاعٌ قليل، ومدة إلى حين، وكلُّ شيء منها يزول.
فكم عاينتم من أعاجيبها، وكم نصبت لكم من حبائلها، وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها، أذاقتهم حلوا، ومزجت لهم سمّا. أين الملوك الذين بنو المدائن، وشيدوا المصانع، وأوثقوا الأبواب، وكاثفوا الحجاب، وأعدوا الجياد؛ وملكوا البلاد، واستخدموا التلاد، قبضتهم بمخلبها (٢)، وطحنتهم بكلكلها، وعضتهم بأنيابها وعاضتهم من السعة ضيقا، ومن العز ذلَّا (٣)، ومن الحياة فناءٍ، فسكنوا اللُّحود، وأكلهم الدود، وأصبحوا لا تعاينُ (٤) إلا مساكنهم، ولا تجد إلا معالمهم، ولا تحسُّ منهم من أحد ولا تسمع لهم نبسا. فتزوّدوا عافاكم اللّه فإن أفضل الزاد التقوى، واتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه، ويعمل لحظّه وسعادته، وممّن يستمع (٥) القول فيتّبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. إن أحسن قصص المؤمنين، وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله، الزكية آياته، الواضحة بيناته، فإذا تلي عليكم فاستمعوا له (٦) وأنصتوا لعلكم تهتدون (٧).
أعوذ بالله القوى، من الشيطان الغوي، إن الله هو السميع العليم. بسم الله الفتاح المنان (٨). قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (٩)، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
(١) في المسالك والمطبوعات: «وأحضكم».
(٢) في جميع المطبوعات: «بمحملها»، تحريف.
(٣) في المسالك: «ومن العزة».
(٤) في المسالك والمطبوعات: «لا ترى»، تحريف.
(٥) في المسالك: «يسمع».
(٦) في المسالك: «فاسمعوا له»، وفي المطبوعات: «فأنصتوا له واسمعوا».
(٧) في المطبوعات: «لعلكم تفلحون».
(٨) بسم اللّه الفتاح المنان، ساقطة من المسالك ومن جميع المطبوعات.
(٩) ما بعده إلى تمام السورة ساقط من المسالك.
نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم، وبالآيات والوحي المبين، وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم. وأدخلنا وإياكم جنات النعيم (١). أقول ما به أعظكم، وأستعتب اللّه لي ولكم.
(١) إلى هنا ينتهى النص في جميع المطبوعات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طوق الحمامة نسخة تحتاج تنميق

      ​طوق الحمامة​ المؤلف ابن حزم     المقدمة     باب تقسيم الرسالة ←     قال أبا محمد عفا الله عنه: أفضل ما أبتدئ به حمد الله عز وجل بما ه...